الأربعاء، 1 يونيو 2011

اكبر عملية نصب تمت باسم الدين



          فى عام 1952 انهزم التيار الليبرالى بقيادة حزب الوفد امام التيار القومى بقيادة عبد الناصر، وبهزيمة 1967 انهزم التيار القومى المنحاز للفقراء والمعادى لإسرائيل والمتجه للتنمية المستقلة وصلى الشيخ الشعراوى ركعتين شكرا لله على هزيمة النظام الكافر ولم يصلى على الجنود الابرياء الذى داسهم شارون بدبابته ولم يترحم على الاطفال الذين قتلوا بالنابلم بل صلى شكرا لله على الهزيمة …وبرز ما يسمى بالصحوة الاسلامية .
      بعد انتصار 1973 وقيام نظام السادات بانتهاج  سياسة الانفتاح الاقتصادى واقتصاديات السوق  وفتح الاسواق المصرية  امام  المستثمرين والإفراج عن الاخوان المسلمين وعودة الكثير منهم بمدخراتهم من بلاد الخليج ، وذهاب اكثر من مليون مصرى للعمل فى الخليج وحققوا مدخرات تلقفها سماسرة تحويل العملة، برزت شركات توظيف الأموال فى مطلع الثمانينات  ، واستمرت فى العمل حتى يونيو 1988 دون قانون ينظم أعمالها ويحكم رقابة الدولة فى الإشراف عليها حتى صدر القانون رقم 146 لسنة 1988 لهذا الغرض .
وقد ارتبط ظهور هذه الشركات ببداية التفكير فيما سمى  الاقتصاد الإسلامى الذى اشيع انه  يستهدف استثمار الأموال وإيداعها وفقاً لنظام إسلامى بعيداً عن شبهة الربا المرتبطة بفوائد البنوك الحكومية .
ظهر هذا فى موجة توظيف الأموال وما صاحبها من ( المصارف الاسلامية ) و( البنوك الاسلامية ) و تجريم وتحريم التعامل مع البنوك العادية لأنها بنوك ربوية ، ولا بد من هجرها و التوجه لتوظيف الأموال و البنوك الاسلامية . وفى اواخر السبعينات  وأوائل الثمانينات اشتهرت شركات كثيرة فى توظيف الأموال منها الشريف و الريان والسعد والهدى ""كلها بالالف واللام  منل المبارك والفيصل والأحمد  تأثرا بالثقافة الوهابية البدوية  . وظهر كبار الدعاة يروجون لها ، أهمهم الشيخ الشعراوى و الدكتور عبد الصبور شاهين ، ومعهم كبار الصحفيين وأجهزة الاعلام ، وفى الخفاء كان يؤيدهم كبار السياسيين مثل رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب ، ووزراء و وكلاء وزارات . ومن الطبيعى أن يتسابق المصريون على إعطاء (شقى العمر ) الى تلك الشركات ، بسبب كل هذا الزخم الاعلامى و هوجة الربح المضاعف .
        كان أكثر الضحايا من الطبقة المتوسطة ، من الحرفيين و المهنيين الذين لا تكفى أموالهم لبناء عمارة أو لإنشاء شركة ، ولا يقنعون بهامش الربح الذى يحصلون عليه من البنوك ( الربوية ) التى تم تحريمها وتجريمها ووهابيا . عشرات الملايين من المصريين ممن يمتلك فائضا أو مدخرات من بضعة ألوف من الجنيهات الى بضعة مئات الألوف منها هرعوا بألوفهم الى الريان والشريف والسعد ، يحلمون بربح يصل الى عشرين فى المائة .


   قامت شركة الشريف "عبد الطيف الشريف اخوانى قديم هاجر الى السعودية اثناء ملاحقة عبد الناصر للإخوان"  فى عام 1978 بنشر إعلان فى الصحف بقصد تجميع مدخرات المواطنين ، كما قامت بدفع عدد من العاملين لديها إلى جمع الودائع ، والدعاية للشركة فى الشوارع والميادين العامة ، وكان النجاح الكبير لشركة الشريف فى تجميع وتوظيف الأموال نموذجاً دفع الآخرين فيما بعد إلى محاولة تقليده، ولذا تتابع إنشاء هذه الشركات ، حيث أنشأت شركة (بدر) للاستثمار (عام 1980) وتليها شركة ( الريان ) عام (1982) ، ثم ( الهدى والسعد ) عام ( 1985 ) والهلال عام ( 1986 ) .واغلبهم اطلق اللحية وحف الشارب ولبس الجلابية البيضاء  وهكذا فإنه مع نهاية السبعينيات ، ومنذ بداية الثمانينيات من القرن العشرين تزايد عدد الشركات  فى هذا المجال ، كما تزايد حجم الأموال التى تلقتها ، وشكلت ظاهرة مالية واقتصادية فى المجتمع المصرى .

           لعبت 'كشوف البركة "الرشاوى " دورا هاما في الحصول علي مساندة شخصيات نافذة وكانت تصرف لهم من هذه الشركات مكافآت بالآلاف ومنهم لواءات شرطة ومستنفذين .... وشنت هذه الشركات حملة منظمة ضد البنوك بدعوي ان الفوائد المصرفية حرام وان الحلال في المرابحة  وتصرف بها عائدا يبلغ 30 في المائة وأكثر… وبذلك امتصت السيولة وأنساق البسطاء وراء اوهام الربح وما حدش سال طيب ازاى يا عم الحاج قولى بس ازاى؟؟؟ وأشاعوا انها بركة الاسلام والعمل طبقا للشرع هو ما يحقق الربح السريع والحلال… واستولت علي مئات الملايين من اموال المودعين  وبلغت اكثر من مليار و600 ألف دولار وتمكنت من النفاذ الي شخصيات سياسية ودينية واقتصادية ووجدت دعما حكوميا من وزراء عملوا مستشارين قانونيين عندها.. وحصلت علي فثاوي من مشايخ لهم مكانتهم وتأثيرهم مثل الشيخ الشعراوي الذي كان يساند اصحاب شركة الهدي ويحضر افتتاح مشروعاتهم.. وقامت هذه الشركات بحملات اعلانية واسعة في الصحف والتليفزيون للدعاية والترويج.. ووصلت إلي حد ان احد مندوبي الاعلانات في صحيفة كبري فتح مكتبه في الفجر لكي يوقع احمد وفتحي الريان مع اشرف السعد اتفاق العمالقة الاندماج بين الشركتين وتكوين كيان عملاق في السوق لنهب المزيد من أموال المودعين وتم نشر الاعلان في الصحف لكي يزف بشري الاندماج .
 

24323_1334539720090_1128981414_1036866_6830037_n
 
          هذا النشاط  أجتذب السواد الأعظم من رؤوس الأموال المتوسطة والصغيرة والمُدخرات , نظير عائد شهرى  تجاوز أحياناً 3 % شهرياً , وقد أستظل القائمين على هذا النشاط تحت عباءة الدين والأرباح الإسلامية .... , ولكن سُرعان ما تكشف الوجه الحقيقى لتلك الشركات , التى بددت أموال المودعين , إما لخسائر فى مُضاربات بالخارج , أو للصرف ببذخ "عائلة الريان كانت تملك اكثر من 20 سيارة مرسيدس" والعيش فى ترف , وإما نتيجة عدم الخبرة بأُصول الصناعة والتجارة , التى أداروها بمبالغ ضخمة , لم تكُن أصلاً فى حُسبانهم .
وقد خسر الريان بالفعل مائتي مليون دولار في مضاربات الفضة في بورصة لندن وذهب مئات المودعين لاسترداد ودائعهم من الشركة، واتصل أحمد الريان بشركة الراجحي التي كان يتعامل معها في السعودية وتم تحويل مائتي مليون دولار في الحال ، وعقد الريان اجتماعا عاما للمودعين في مخازنه بالطريق الصحراوي حضرة الداعية عبد الصبور  شاهين امام وخطيب مسجد عمرو بن العاص وعضو مجلس ادارة شركات الريان لتوظيف الاموال وشاهد المودعون كميات الحديد والخشب المخزنة وقال لهم عبد الصبور شاهين " من يريد امواله فالشركة  مستعدة لردها فورا وبدأ الصرف ولكن تراجع معظم المودعين وطلبوا الابقاء علي ودائعهم 'الصكوك' ووقعوا في الفخ بسبب الطمع في الربح المضاعف، ولم يعرفوا انه من اموال المودعين الجدد"
.
images (6) images (7)
الريان                              عبد الصبور شاهين
ووصف المستشار جابر ريحان المدعي العام الاشتراكي شركات توظيف الأموال بأنها عبارة عن عملية نصب كبرى وكان هناك تراخ من جهات عديدة حيال هذه الشركات.وأشار أمام اللجنة التشريعية بمجلس الشعب انه تبين ان الـ38 شركة التي كانت لدى المدعي العام الاشتراكي لم تحقق أي شركة منها أرباحا تزيد على 2 في المائة.
وتساءل كيف يتأتى لهذه الشركات انها كانت تحقق وتسدد أرباحا ما بين 20 و24 في المائة للمودعين إلا اذا كانت تأخذ أموالا من هنا وتضعها هناك.

        تعاليم الدين الإسلامى  تحظر الخدع والخداع وتؤمن المسلمين وغير المسلمين على أرواحهم وممتلكاتهم وأرزاقهم.. لم تمنع تعاليم الإسلام أصحاب اللحية و«الزبيبة» و«السبحة» من المنتمين الى  التيار الاسلامى والمتخرجين من منهجه وتحت عباءته.. من سلب مدخرات الغلابة بشركات وهمية.

        افتى الشيخ شلتوت بان أرباح "صندوق التوفير"  حلال ولا حرمة فيها، لأن المال المودع في الصندوق ليس ديناً ولم يقترضه منه صندوق التوفير ، وإنما تقدم صاحب المال إلى صندوق التوفير بنفسه طائعاً مختاراً ملتمساً قبول إيداع ماله عنده ، وهو يعرف أن مصلحة التوفير تستغل الأموال المودعة لديها في مشروعات تجارية تحقق فيها ربحاً ، وهى تعطيه الفوائد من خلال تلك الأرباح . وصاحب المال يقصد بإيداع ماله حفظ ذلك المال من الضياع وان التعامل مع صندوق التوفير بتلك الكيفية وبالأرباح المضمونة الثابتة لم تكن معروفا للفقهاء السابقين حين أفتوا بما كان سائدا في عصرهم ، ثم استحدث التقدم البشري أنواعا من التعامل الاقتصادي قامت على أسس صحيحة إلا أنها لم تكن معروفة من قبل ، فإن الربح المذكور لا يدخل في نطاق الربا وإنما هو تشجيعٌ على التوفير والتعاون .  كما ان  التعامل مع البنوك حلال  .
          وشرح  الشيخ بتوضيح معنى الربا الذي نزل القرآن بتحريمه فهو القرض الذي يأخذه المحتاج الجائع المعدم من الثري المرابي الذي يستغل جوع المحتاج ليعطيه قرضاً بربا ، ( وهو ما لا ينطبق على التعامل مع المصارف والبنوك لأنها لا تتعامل مع الجوعى والمعدمين وإنما تتعامل مع أصحاب مشاريع تجارية وصناعية يفتحون أسواقاً للعمل والوظائف والرواج وبذلك يكون التعامل معها حلالا.
كان الشيخ شلتوت شيخا للأزهر فى عام 1960وكان  آخر نقطة مضيئة من آثار مدرسة الامام محمد عبده . ومن العار أن تتراجع مصر من عصر الامام محمد عبده ( 1849 : 1905 ) و عصر الشيخ شلتوت (1893 : 1963 ). وينتهى الحال بها  الى شيوخ الثعبان الأقرع ورضاعة الكبير  و التداوى ببول الابل والدفاع عن حديث الذبابة وكاميلبا وعبير .
 

          فى كتاب نصر حامد ابو زيد  "نقد الخطاب الدينى" تساءل لماذا يجب ان نحلل الخطاب الدينى تحليلا نقديا و اشار الى قضية توظيف الاموال والفضيحة التى عانى منها المجتمع المصرى والتى ازدحمت بفتوى من رجال الدين ومن السياسيين اشتركوا فى الاعلان لشركات توظيف الاموال وانه ربط بين الخطاب الدينى وما حدث فى المجتمع من مشاكل بسبب هذا الخطاب وان الفتاوى التى تحدثت عن فوائد البنوك بأنها ربا مما ساعد على انتشار شركات توظيف الاموال . ,وقام الداعية عبد الصبور شاهين الاستاذ الجامعى مع اخرين باتهامه بالكفر وتم الحكم علية بالخروج من الملة وتحريم زوجته علية وهى الاستاذة الجامعية .


صلاح ابو اسماعبل الذى كفر فرج فودة

          قام المفكر فرج فوده بتأليف كتاب عن شركات توظيف الاموال اسماه " الملعوب "  وفى  مساء يوم الاثنين 8 يونيو 1992 امتدت يد الغدر لتقتل علما من أعلام مصر ، فعند الساعة السابعة إلا ربع ، و بتحريض من مجموعة من المشايخ الإسلاميين، قام شابان من تنظيم الجهاد بإطلاق دفعات متتالية من بندقية آلية على جسم المفكر فرج فوده وشهد احد الشيوخ فى المحكمة لصالح القتلة
كله منفد على بعضة.!!!

       يروي الخبير الاقتصادي د. حسن عبد الفضيل بدايات ونهايات تلك التجربة المؤلمة التي وضعت مصر في العديد من المشكلات الاقتصادية أهمها هروب رؤوس الأموال من البنوك وتحويلها لصالح هذه الشركات التي استخدمتها في المضاربة في البورصات العالمية حتى انكشفت الحقيقة، فيما عرف بـ"الاثنين الأسود" في نهاية الثمانينات بضياع أغلب أموال المودعين في شركات الريان، والذي حاول إنقاذ نفسه بالاندماج مع شريكة أشرف السعد، وبعد حدوث هذا الاندماج وتفككه بدأت الأجهزة الرقابية تعيد النظر في أداء شركات توظيف الأموال وفجأة استيقظ آلاف المودعين من حلم الثراء السريع إلي كابوس الإفلاس والمصادرة ومطاردة الريان والسعد والهدى والهلال فى المحاكم وضاعت تحويشة العمر يا ولدى ..اعرف واحد خد مدخراته مكروبه خد ب10 الف جنية مكرونة لا عرف يسوقها وطبعا مش ممكن يقدر يكلها .

            في سبتمبر 1989 فتح ملف أحمد الريان؛ حيث اكتشفت الحكومة أن أموال المودعين تحولت إلى سراب بعد أن نهب آل الريان أموالهم وغامروا او قامروا  بها في البورصات العالمية، وقاموا بتحويل جزء كبير منها إلى الولايات المتحدة والبنوك الأجنبية، وبلغ ما تم تحويله طبقا للأرقام المعلنة رسميا التي كشف عنها المدعي العام الاشتراكي 3 مليارات و280 مليون جنيه، وأن هناك مسئولين ورجال دين وإعلاميين ساهموا في تهريب هذه الأموال مقابل حصولهم على ما سمي وقتها بـ"كشوف البركة" تحت بند تسهيل وتخليص مصالح شركات توظيف الأموال في المؤسسات الحكومية.
وفى اواخر 2006قررت الحكومة بعد عشرين سنة رد بعض مستحقات جميع المودعين وإغلاق الملف بالكامل وصرفت 368مليون جنبه  ل47 الف اسرة
   وأعلن رئيس الوزراء ان توفير المبالغ تم من خلال ارباح البنك المركزى التى تخلت عنها الحكومة لصالح الاسر التى فقدت ودائعها فى شركات توظيف الاموال وأشار ان ما تم بيعة من اصول شركات توظيف الاموال لا يتجاور10%وان ما تبقى من هذه الاصول لايتجاوز 5%بما يعنى ان الحكومة يعنى الشعب المصرى تكفل بنسبة 85%من اموال المودعين.

  وهكذا بدأت الدولة تتدخل لحماية المودعين من "النصابين" فوضعت ايديها علي كل ثروات الريان والسعد والشريف وعدد اخر، وادعت انها ستعيد للمودعين اموالهم.ومضى عشرون عاما …..ايام ما دفعوا الاموال كان الدولار ب170 قرش قبضوا مدخراتهم والدولار بستة جنية .
  قال عبدا للطيف الشريف لجريدة صوت الامة"2007/1/15":"مسؤلون سرقوا مني 2.5 مليار حينه وزعوها علي بعض، وكلما طالبت بالتحقيق في هذه الفضيحة ادخلوني السجن".
  في هذه الكلمات اجمل الشريف المأساة، مأساة نهب النظام الفاسد لشركات توظيف الاموال الفاسدة التي فتحت شهيتهم وهيأتهم للعملية اللثانية  "نهب البنوك نفسها"، وقبل ان تظهر الفصيلة الثالثة من النهب العام ، فصيلة بيع البنوك نفسها والخصخصة بأدنى الاسعار.وواضح احنا اتكلنا من كل واحد شوية .....وكل شوية حد يضربنا كف على قفانا ..

         اسال والسؤال ما حرمش لماذا ايدت التيارات الاسلامية تلك الشركات ولماذا قاموا بتكفير من عارضها وكشف خداعها ولو كان هناك اصلا ما يعرف بالاقتصاد الاسلامى غير عملية النصب هذه فلماذا لم ينبهوا بسطاء الناس الذين وضعوا مدخراتهم ثقة فى كل ما هو اسلامى ولماذا لم يحاسب اعضاء التيارات الاسلامية والصحفيين وغيرهم مما ساعد على خراب بيوت الناس .

واليوم تستمر الخدعة …تستمر الخدعة بشكل جديد!!!  ..وتلك قصة اخرى

.

هناك 7 تعليقات:

zenzana يقول...

تسلم ايدك ويديك العافية

Mariam يقول...

I Like It Soo much :)

غير معرف يقول...

طظ فيك

غير معرف يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
غير معرف يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
Unknown يقول...

سلمت يمينك ... الموضوع شامل ووافى جدا .. شكرا لول مرة افهم الموضوع ده بصورة واضحة ..

Unknown يقول...

تحليل راءع. في رأيي المتواضع ان مزج الدين بالاقتصاد يفسد الإثنين زي بالظبط فكرة مزج الدين بالسياسة.