الجمعة، 29 مايو 2015

الذكر والانثى


       هو يلعب دور الذكر، وتلعب هي دور الأنثى، وهو يلعب دور الذكر لأنها تلعب دور الأنثى. وهي تلعب دور الأنثى لأنه يلعب دور الذكر !!

    عاش الانسان مليون سنه على الصيد وجمع الثمار قبل ان يكتشفذ عملية الاستنبات المعقدة " الزراعة" منذ نحو عشرة آلاف سنة . كان الناس جميعا صيادين وجامعي ثمار. الرجال لانهم الاقوى  والاسرع عدوا يقومون بمعظم عمليات الصيد. وكانت النساء يجمعن الحبوب والبذور والجوز والفواكه والجذور والبيض واليرقات والحيوانات الصغيرة . فعمل النساء كان مطردا ومنتظما، وكان هذا العمل يزود الجماعة بالقوت الضروري ويجنبها الجوع حتى ولو عاد الرجال من الصيد بأيد خاوية .
    
        المجتمع الذي لا يملك القدرة على توفير طعامه أو تنقصه المعرفة بسبل الاحتفاظ بالطعام  يضمحل ، فكان الانتظام اليومي لعمل النساء أكثر من حاجته إلى الترف العرضي الذي تمثله المؤن التي قد يأتي بها الرجال من الصيد فكانت النساء هى الموفرة للبقاء وبالتالى كانت القوامة صاحبة الكلمة العليا .
     ولم تقتصر مهمة النساء بطبيعة الحال، على ضمان استمرار الحياة عن طريق جمع الطعام بشكل منتظم وكاف يضمن البقاء، وإنما كن أيضا يخرجن الحياة من أحشائهن. ولابد أن سحر الولادة قد مس شغاف البدائين . فكانت المراة هى المعبود واهبه الحياة .  وكانت  الآلهة في أقدم المجتمعات البشرية لم تكن أربابا بل كانت ربات. .

     طوال مليون سنه كانت المراة هى المتوجة فى المجتمع هى التى تضمن وتوفر الطعام المنتظم وهى واهبه الحياة ، وهى التى تختار الرجل الافضل لها  الذى تريد ان تلد منه ، وهى التى اكتشفت الزراعة . 

       تخلف دور المراة فى العشرة الاف سنه الاخيرة فقط ، بعد اكتشاف الزراعة وتدجين الحيوانات . وظهور مفهوم الملكية الفرديه ، فتقدم الرجل القادر على حمايه ممتلكات العشيرة ثم القبيلة !! 

طوال مليون سنه عاش الانسان يعمل ساعات قليلة كل يوم ، الرجال فى الصيد والنساء فى جمع الثمار ، وباقى الوقت فى الرقص والغناء ، عاش الانسان مليون سنه فى سعادة قبل سيادة مفهوم الملكية الفرديه !!!
    
       عالمة الأنثروبولوجيا الأمريكية مرجريت ميد حين أخذت على عاتقها بحث هذا الموضوع في الثلاثينات، لم تحاول أن تبحث عما إذا كان هناك اختلاف في المزاج بين الرجال والنساء ؛ وإنما تصدت للبحث في كنه هذه الاختلافات. فحطت عصا الترحال في غينيا الجديدة وعاشرت جماعات بدائية اختارتها كيفما اتفق.

        كان أول مجتمع حلت به يطلق على نفسه اسم الأرابيش. وقد اتضح لها أن وجوب الاختلاف بين شخصيتي الرجل والمرأة فكرة لا تدور في خلد هذه القبيلة الجبلية المنزوية. فغاية الحياة في نظر الرجال والنساء على السواء هي الحمل و"تربية" الأولاد. والفعل في لعبة الأرابيش الذي يعني " حامل " قد ينصرف إلى الأب أو الأم. وهم يعتقدون أن الرجل يعاني آلام المخاض كالمرأة سواء بسواء. وما أن يولد الطفل حتى يشارك الأب في جميع واجبات رعاية الوليد. بل إنه ليضطجع بجوار زوجته ويضع رأسه على وسادة خشبية حرصا على تسريحة شعره التي بذل وقتا طويلا فيها. ويقول عنه بنو عشيرته إنه "في فراشه في حالة وضع" 

وأثناء نمو الطفل يساعد الأب  في كل التفاصيل المتعبة : 

      رجال الأرابيش  أشد "أنوثة" حتى من نسائهم. فالرجال، هم الذين يقضون الساعات في تصفيف الشعر وهم أيضا الذين يتزينون ويلبسون الأزياء الخاصة في المناسبات ويرقصون. والرجال وحدهم هم المشهود لهم بالكفاية في الرسم بالألوان. فرجال الأرابيش يعدون أكثر إحساسا بالفن من نسائهم.

      في قبيلة تشامبولي، تجد عكس المواقف السائدة في حضارتنا تجاه الجنس، فالمرأة هي الطرف السائد المتجرد من العاطفة وهي الآمرة الناهية، أما الرجل فهو الأقل إحساسا بالمسئولية، الذي يعتمد على غيره من الناحية العاطفية" 

      فنساء تشامبولي يقمن بصيد السمك وجمع الطعام، في حين يرتب الرجال خصل شعرهم ويحملون أقنعتهم أو يتدربون على نفخ الناي. أما الفنون - الرقص والحفر والتصوير - فهي غير هامة بالنسبة للنساء، ولكنها أهم أوجه النشاط المتاحة للرجال. وهكذا يتدرب رجال تشامبولي على السيرالهويني ويحاولون اكتساب الرقة المتوترة الساحرة للممثلات. فمعظم حياتهم يقضونها كأنها دور مسرحي يمثلونه بشكل واع على خشبة المسرح، على أمل أن تستمتع النساء بهذا الدور. وعلى حين أن نساء تشامبولي يعملن سويا في جو يسوده الشعور بالمودة والإحساس الزائد بالأنس، فإن العلاقات التي تسود بين الرجال، هي دائما مشوبة بالتوتر والترقب، وملاحظاتهم تتسم عادة بالخبث. وتصنع نساء تشامبولي ثروة القبيلة بنسج وبيع شباك لصيد، أما الرجال فهم يقومون بالتسوق وهم في أبهى الرياش ومحارات للزينة، يساومون في سعر كل سلعة يشترونها، ولكنهم يشعرون دائما أنهم ينفقون من ثروة المرأة :

      إن الأملاك الحقيقية، التي يقتنيها المرء بالفعل، تأتيه من المرأة، في مقابل نظرات حالمة وكلمات رقيقة... أما موقف النساء تجاه الرجال فيتسم بالتسامح والتقدير. إنهن يستمتعن بالألعاب التي يلعبها الرجال، كما يستمتعن بصفة خاصة بالحركات المسرحية التي يقوم بها الرجال من أجلهن . 

    ويتوقع المجتمع من النساء أن يأخذن بزمام المبادرة في النشاط الجنسي. بينما يترقب الرجال مبادرات النساء في استحياء حينا، وفي خجل وخوف حينا آخر وإذا لم تبادر الأرملة باتخاذ خليل آخر، دهش القوم لتعففها الزائد.

             ان السلوك الانسانى مكتسب فلا يوجد سلوك يسمى طبيعى بالنسبه للرجل او المراة . إن إحدى القبائل في الفلبين مقتنعة بأنه "لا يمكن ائتمان رجل على سر". وقبيلة مانوس Manus، وهي قبيلة أخرى في المحيط الهادي، تعتقد أن "الرجال وحدهم هم الذين يستمتعون بملاعبة وتربية الأطفال". وتعتقد قبيلة تودا Toda أن "جل العمل المنزلي أقدس من أن تمارسه النساء فهو واجب الرجال .

الجمعة، 1 مايو 2015

صديق العمر


- وبعدين يا مريد واخريتها؟؟ 
- مش عارف يا خليل زى ماانت خايف انا خايف يرضه !!!!
- والحل يا صديقى؟؟ 

دار هذا الحوار بينى وبين مريد تليفونيا عصر يوم ٢٥ مارس الماضى  ،  بعد وفاة رضوى باربعة شهور تقريبا،  لم نلتقى فيها  او نتبادل حتى كلمة واحدة !!! 
رضوى ومريد وتميم هم عائلتنا  واصدقائنا المقربين من اكثر من ٣٠ سنه .

    فى الاسبوع الثانى  من ستبتمر ٢٠١٤ كانث رضوى ومريد وتميم ضيوفنا فى بيتنا الصيفى لمدة اسبوع ، وكانت هذه الايام ، رغم قصرها ، من امتع لقاءتنا   وقد كانت رضوى كعادتها دائما هى المضيفة المهتمة بكل الحضور !!
    
     سافرت وزوجتى  لرحله الشتاء الى الدنمارك فى اخر سبتمبر لزيارة عزة واكمل ومريم  وناديه , ومضى شهرا اكتوبر ونوفمبر  ، وفى الرابعة من  فجر اول ديسمبر اتصل بنا مريد لابلاغنا بخبر وفاة رضوى !!

لم نستطع حضور مراسم تشيع الجنازة او العزاء ، وعدنا الى القاهرة ليل ١٣ ديسمبر اى بعد الوفاة باسبوعين تقريبا .

       والعمل ، نعمل ايه ؟؟؟ نذهب الى مريد وتميم نعزيهم ، كيف هذا ؟؟ وهل نستطيع؟؟   لا اذكر انى دخلت منزلهم الا فى وجود رضوى !! كنت اهرب من هذا اللقاء ، وكانت عزة تلح على فى كل اتصال ان اذهب للقاءهم ، ولكنى كنت اتهرب ، وصارحتها بانى اخاف ، اخاف جدا هذا اللقاء ،

      وتمر الايام والاسابيع ، اعرف اخبارهم من عزة فهى على اتصال دائم بهم . ويمر شهر والتانى والثالت ، وبعد ان كنا طوال ٣٠ سنه فى اتصال مستمر وزيارات متبادلة ، انقطع بيننا الاتصال  تماما منذ وفاة رضوى ،، ولا حتى تليفونيا !!
  
 كان هناك هاتف يلح على يوميا ، كلم صاحبك ، تشجع وكلم صاحبك  .....وذات عصر   يوم ،  لم اخذله وتشجعت .....

    - وبعدين يا مريد يجب ان نجد حلا !! نشجع بعض يا صديقى ما ينفعش كدة !!!! 
    - زى ما انت خايف يا خليل تشوفنى انا برضة خايف اشوفكم !!

      وفى السابعة من مساء نفس اليوم دق جرس الباب ... فتحت 
لاجد مريد بطلعته الجميلة !!!!!
- مريد...
- خليل... 
........
وبكينا طويلا ...
.....
.....

.....
    - تتعشى معانا يا مريد ؟؟
    - انا ماكلتش بقالى يومين !!
 طلبنا شواء وكلنا ....وحكيتا .... وتذكرنا  .....وتسامرنا وضحكنا ايضا !!

....
،،،،
       وصلت ابنتى عزة  من الدنمارك الى القاهرة يوم ٢ ابريل فى اجازة قصيرة لمدة اسبوع  ، وكان من اول مهامها زيارة مريد لتقديم واجب العزاء . وكنت قد اتفقت معه على تناول الغذاء عندنا فى حضور عزة .

     - ما ينفعش يا بابا اقابل مريد قبل ما اعزيه فى بيته .
     - مريد جاى على الغدا اليوم 
     - لا ما ينفعش ضرورى اعزيه فى بيته الاول .
وذهبت عزة لتقديم واجب العزاء لمريد فى منزله ثم تصحبه  للغذاء فى بيتنا .

     - بابا مريد بيقترح بدل الغذاء نخليه عشاء !!
     - ليه ؟؟؟
     - تميم سيصل من بيروت مساء اليوم ، قرر المجئ لحضور العشاء معنا !!
     - على البركة 
     وحضر تميم واجتمع شملنا مرة اخرى ..... ولكن للاسف بدون رضوى 

     فمهما طال الزمن  فالانسان قادر دائما على تجاوز الاحزان !!


او كما قلت يا صديقى فى رثاء رضوى  :

 مَن ينشغلُ بحزنهِ على فقد المحبوب ينشغلُ عَن المحبوب , الآن أطلبُ من حزنى أن يتجهَ إلى أقرب بوابة ويغادر هادئاً كما أشاء أو هادراً كما يشاء لكن دون أن يلفت الأنظار.. 

..........

أخرج من أقرب بوابة يائسة أيها الحزن، ودعنى أستبدل بك ابتسامتها التى تذهب حزن الرائى، فابتسامتها رأى. وموضع خطوتها رأى. وعناد قلبها رأى .....
.........
.......