يستحم الفلاحون قي الترعة ، وسكان المدن فى الطشت وبالكوز ..,المياه النقية فى المواسير دخلت المنازل من 150 سنة فقط . السقا بورد المياة يوميا محمولة فى قرب من جلد البقر تسع الواحدة 60 لتر تقريبا .وما زالت بيوت فى القاهرة لم تدخلها مواسير المياة للان . وعلى عهدة المقريزى ان الخليفة الفاطمي العزيز بالله هو اول من بنى الحمامات فى القاهرة ، الا ان ازدهارها الحقيقي فى مصر كان فى العصر العثماني . ومن اشهر الحمامات الباقية حتى الان حمام الملاطيلى واسمه مرجوش نسبة الى الشارع ، وحمام الاربعاء وحمام التلات فى بولاق ابو العلا ،والسلطان بالحسين وغيرها ، وعمرها بين 400 و500 عام …ولم يكن انشاء الحمامات بغرض الاستحمام فقط فكات تمثل منتدى يقضى فيه الاصدقاء وقتا طيبا ،خاصة فى الوقت المخصص للنساء نهارا . وقد سجلت التفاصيل فى كتاب وصف مصر... تفاصيل احتفالات الزواج والختان وليلة الحنة فى الحمامات .
حين بنى محمد على جامعة الكبير منذ 200 سنة زوده بالمواسير والبزابيز (الصنابير) للوضوء بدلا من طريقة الوضوء السائدة فى ذلك الوقت من الطاسة او الغضارة ، فعارضة علماء مذاهب الحنابلة والشافعية والمالكية بحجة ان هذه بدعة فى الدين , حيث انهم لم يروا السلف فى بلاد المسلمين يستعمل هذه الطريقة ..وكل بدعه ضلالة وكل ضلالة فى النار …ولا يجوز الوضوء من هذه الصنابير . غير ان علماء الاحناف رأوا جواز الوضوء من هذه الصنابير لانها ترفع المشقة عن المسلمين ..ومن هنا سمي الصنبور بالحنفية..نسبة الى المذهب الحنفى واخذها الناس واصبحت مفردة الحنفية دالة على الصنبور اكتر مما تشير الى المذهب.. الذى لولا استنارته لكنا ما زلنا نستعمل الكوز .
اخذني ابى وانا فى العاشرة من عمري للاستحمام قبل العيد فى حمام شعبي او ما يسمى حمام السوق ، فى مكان وسط طرق ضيقة فى القاهرة القديمة . ينقسم اليوم فى الحمام بين الرجال والنساء.. الرجال لهم طوال الليل، والنساء لهم طوال النهار . فى العادة يستحم الانسان فى عشر دقائق، نصف ساعة على الاكثر ، ولكن فى حمام السوق يستحم الانسان فى ليلة بكاملها ..حفلة استحمام تبدا فى العاشرة مساء وتنتهى مع مطلع الشمس .. للحمام الشعبى طقوس وتقاليد جميلة .
تدخل الحمام من باب ضيق الى ممر ضيق يفتح على قاعة متسعة تجد صاحب الحمام او مديرة جالسا بجوار صندوق الامانات يرحب بك .. ويحضر فرد نصفة الاسفل ملفوف بمنشفة او بشكير ابيض، ياخذك الى حجرة صغيرة ممكن تسمبتها كبينة ، تسع سريرين ، اذا كنت من طالبي الخدمة الممتازة ، التي تختلف عن باقي الرواد ، فقط فى تخصيص الكابينة …اما الباقي فالكل يتساوى ..ياخذ ملابسك واماناتك ..وتجد نفسك ملفوف فى بشكرين وتساق الى الوسطاني عبر ممر ضيق.. فمكان نزع الملابس والنوم اسمه البراني ..المكان عموما دافئ وهادئ جدا .
تبدأ الطقوس باخذ حمام ساخن بالليفة والصابون مش انت اللي بتحمى نفسك ، واحد يليفك وش وظهر تليفة تمام التمام، وبشطفك بمياة ساخنة ، تم باردة ثم يسوفك الى المغطس … اسمة الجواني تقعد فى مكان كلة بخار ماتشوفش ايدك او اى فرد اخر… الكل عرايا.. سونا ساخنة جدا ، مكان درجة حرارته لا تقل عن 60 درجة مئوية ..بيقولوا ان هذا من اجل فتح المسام.. فيه ناس بتقدر تنزل حوض المياة الساخنة بس دي عالم جبارة …تأتى الحرارة للحمام من المستوقد الذى يحمى بحرق الزبالة ليل نهار تحت حوض من الحجر مملوء بالماء …وفى المستوقد عشرات من قدر الفول الكبيرة تدمس بالراحة على حرارة المستوقد . وناتج الاحتراق عبارة عن تراب اسود اسمة الاسرمل كان يستعمل فى البناء قبل معرفة الانسان صناعة الاسمنت .
ثم تساق بعد جلسة المغطس التي تستمر على قدر ما تطيق الى مصطبة مثمنة الاضلاع فى الوسطاني ، وتستلقى.. ويبدأ واحد اسمة المكيساتي فى عملية الصنفرة بكيس من الصوف الخشن او الجوخ يشيل طبقة من جلد سعادتك .. تنزل على شكل فتائل…يقال انها اوساخ وخلايا ميتة ، ودعك بالحجر الاحمر المحروق على الكعبين يخليها تبرق.. عملية التكبيس تعتبر فى نفس الوقت عملية تدليك تخلى النفر لا بصد ولا يرد .. ثم يبدا المكيساتى بعد الصنفرة فى طرقعة صوابع ايديك ورحليك ورقبتك ..بحرفنة طيعا .. توصل بعد كده لحال مش قادر تتلم على نفسك ..وتتتاخد على الحمام مرة اخرى تليفة اللي هىّ بالصابون النابلسي والمياة الساخنة، وتتنشف جيدا وتتلف فى عدد كبير من البشاكير النظيفة من الرأس حتى القدمين وعلى المقصورة تتوصل شبة نايم تقريبا وعلى السرير تتكبس .
.
قد اية نمت؟؟ ما تعرفش ..تصحى قبل الفجر على شراب الحلبة المطحونه بالحليب الساخن والمكسرات... وبعدها الفطير بالسكر ملفوف على شكل ساندويتش .. تكلة وتلبس هدومك .. وتكون المواصلات اشتغلت تركب وتروح نظيف لامع ونشيط ايضا ..ليلة بحالها قاعد ناس يحموك جوماية العيد .
اما حمام النساء النهاري والبلانة والماشطة فتلك قصة اخرى طويلة ..
بذمتك مش نفسك تتصنفر، وجد يطرقعنك صوابعك ؟؟؟
هناك 5 تعليقات:
خفيفه كده علي الصبح وممتعه, دلوقتي طالع موضه تاني واسمه حمام مغربي! بيصنفر فعلا حتي اسال ميمي! صباح الفل
والله افتقدنا الحاجات الحلوة دي مع زحمة الإعمار والحاجات الجاهزة .. تحية لك وتقبل مروري
تصدق أنا كنت أنا وناس صحابي بنفكر نروح حمام بلدي قريب :)
بس البوست رائع سلمت يداك
يا ترا لسه في مصر الحمامات ديه شغالة ... انا جربتوا في سوريا كان شبه الوصف الي إنت وصفته للحمام المصرى .. بس معلومة الحنفية ده جديدة، سلوب كتابه شيق ومنعش .. تحياتي .. عمر نجاتي
رفاهية الماضى
إرسال تعليق