السبت، 19 فبراير 2011

ثورتان

    
      فى يوم 23 يولية العام 1952 كنت وبعض الاصدقاء فى مرسى مطروح فى اجازة الصيف ، بنام فى خيمة على البحر مباشرة على بعد 4 كيلو من المدينة  . ايامها عشان تروح مطروح  كان ضرورى من استخراج تصريح بصورة شمسية  من سلاح الحدود .. ودى كانت رابع رحلة اشترك فيها..العريش 1949   وغزة 50 ومرسى مطروح 51 والاخيرة اللى بحكى الان  عنها فى 52....كانت قى مرسى مطروح ايضا  .نصحى  مع الشروق ونام العشاء... ايامها ما كانش الراديو الترنزيستور اخترعوه ولا حتى فيه تليفونات ...معزولين تماما عن العالم حتى الجرائد ما كناش بنشوفها ...
      كنا 12 نفر ، يوم 23 يوليوظهرا  نزل اتنين منا  الى البلدة التى تبعد عن معسكرنا 4 كيلو ، فقد كنا معسكرين فى الميناء امام جبل روميل ، يشتروا بعض الاغراض و لم يكن فى مطروح غير بقال واحد ... رجعوا معاهم اخبار غريبة ..نجيب الهلالى استولى على الحكم ...خبر غامض لم نفهمة .....على المغرب استطعنا تدقيق الخبر من ضابط  من سلاح الحدود مار... ان  اللى استولى على الحكم لواء جيش اسمة محمد نجيب ...واتضحت الصورة ، وفهمنا ان ثورة قامت فى مصر .....تناقشنا فى الامر ....مش  ممكن تقوم الثورة واحنا قاعدين نبلبط فى المية ... واتخذنا  قرار بالاجماع بضرورة النزول.... رغم انة لم يمضى غير اسبوع واحد على الرحلة وباقى اسبوع اخر كما كان مخططا... لمينا مهماتنا وركبنا قطار الساعة 7 صباحا يوم 24 يوليو ووصلنا القاهرة مرهقين 7 مساء... الرحلة كانت بتاخد 12 ساعة.... نمت ونزلت يوم 25 يوليو اشترك فى الثورة او حتى اتفرج عليها ....لقيت القاهرة زى ماهيه لا يوجد اى تغير.... امال فين الثورة؟؟؟؟؟ الثورة قام بيها الجيش لوحده ...وتانى يوم 26 خرج الملك ...لا اشتركنا فى ثورة ولا شفناها ...ويا ريت كنا فضلنا فى مطروح وكملنا رحلتنا ..

      انا من القلائل المحظوظين اللى حضر ثورة 52 ولكن لم اشترك فيها بحكم ان الشعب لم يكن مدعوا للاشتراك او لم  بكن حتى  مسموح له بالاشتراك  ..ثوره الجيش قام بيها والشعب ايدها ...نقطة واول السطر ..  ولحظى السعيد   حضرت  ثورة 25 يناير ولم اشترك فيها بالشكل الذى كنت ارجوه .... الاولى لم اشترك فيها لانها لم تكن  ثورة شعبية .... وثورة 25 يناير  لم اشترك فيها بشكل كاف   بحكم السن ..... نزلت 3مرات مرة يوم 25  ورحت  التحرير 27 و28 يناير لكن تابعتها ساعة بساعة..
انا معرفش انظر او احلل... ورحم اللة امرء عرف قدر نفسة... انا برصد اللى بشوفة وقد اتوقع ما قد يحدث .

الجمع المليونية : الغضب.. الرحيل.. الشهداء.. النصر

    يوم الجمعة الاول فى الثورة نزلت التحرير ولم استطع البقاء فى المبدان اكثر من ساعة !!! نزلت يوم 27 لما كانت الدنيا رايقة نسبيا وكنت اركن كل شوية على رصيف.فى الميدان.... والاقى اللى بيوزعوا مياة وشاى وماكولات ....لدرجة ان  الشئ الوحيد اللى ما بيتوزعش الكبتشينو... ناس بتنضف وناس بتلم الزبالة  وكل واحد بيعمل حاجة ...لم استطع ان احبس دموعى من الانهيار وانا ارى مصر رجعت فجأه؟؟؟رجعت  من يوم 25 يناير..ناصعة عفية ..
      يوم الجمعة المليونية الاولى  ما لقتش حجر اقعد علية.... ختها من قصيرها وروحت.بعد ساعة ... وجلست امام التلفزيون وتابعت المعارك ...معركة الجمل بالنهار والملوتوف طول الليل... وجانى رسالة من التحريرفى الفجر نفبد بان الهجوم الشرس على الثورة  من البلطجية المدفوعين من النظام  يأتى من كل محاور الميدان... ولكن من رؤيتى لما يذاع او يتسرب من اخبار تأكدت  ان هذة الثورة لا يمكن التغلب عليها
شباب  يقاتلون بايد عارية  من اى سلاح ومستعدين للموت امام جحافل الامن المركزى وينتصرون عليهم  ويملكون الميدان ، ثم بلطجية النظام المسلحين والقناصة من فوق العمارات المحيطة  وصمدوا واستشهد منهم  المئات وجرح الالاف ولم يتراجعوا وصمدوا وانتصروا
             شباب بهذه الشجاعة ...لا يمكن هزيمتهم 
       فى الليل سمعت  لغط فى الشارع الذى اقيم فية.... فنزلت وجدت بعض الشباب  والرجال من العمارة التى اسكنها والعمارات المجاورة يقيمون المتاريس ويحرسون البيوت وعلمت ان هذا جرى فى كل مكان.... ازاى العالم دى نزلت فى وقت واحد ، وفى كل مكان بدون طلب من احد  ...... طيب انا نزلت ليه وانا بمشى بالتيلة ..   هل هى الثورة يلتحق بها الجميع ؟؟

        زوجتى كانت كل يوم فى التحرير... تبات يوم فى التحرير وبوم فى البيت  وكذلك ابنى اقامة كاملة .... وفى يوم اول فبراير علمت ان ابنتى التى تعيش فى الدنمارك وصلت القاهرة  ليلا  واتصلت بى من المطار
- اية اللى جابك.... نامى  فى المطار لحد الصبح
- اذا لقيت طريقة حروح التحرير
 قعدت لحد ما مبارك اتنحى ولم ارها تقريبا  الا وانا بوصلها المطار يوم الاحد 13 فبراير ..وحكت لى عن التحرير والمستشفيات الميدانية اللى انشأها الثوار ، ولانها طبيبة ، كانت مسئول المستشفى الميدانى رقم 6 بجوار المتحف
الفريق الطبى للمستسقى الميدانى رقم 6 


   سمعت عن ناس لم يكن لهم اى اهتمامات عامة ...عالم الطبقة الوسطى اللاهية نزلوا التحربروالتحقوا بالثورة

         الثورة اللى اطلق شرارتها الشباب التحق بها الشعب من اليوم الاول ..ونجحت بعد 18 يوم فى اسقاط الطاغية فقط.... ولكن نظامة ما زال مسبطرا على مؤسسة الرياسة التى تسيطر على الحرس الجمهورىوالمخابرات العامة  وعلى الحكومة التى اختارها مبارك بنفسة من الحزب الوطنى وعلى الاعلام ....فلول النظام ما زالت ممسكة  بمفاتيح السلطة ورجال الاعمال والفاسدين الذين يخافون من الملاحقة صاحيين وبيلعبوا ... والثورة ما زالت  بعيدة عن الامساك بالسلطة التى امسك ببعضها الجيش  كطرف شبة محايد !!!!!

        يقال ان مبارك تنحى  ويقيم مع اسرتة فى شرم الشيخ موطنة الدائم لمدة عشر سنوات.. ويعامل بكل الابهة السايقة واولادة وزوجتة يسافرون ويرحعون  براحتهم ...هل تنحى  مبارك وفقد سلطتة ؟؟؟

    السلطة هى التوقيع على ورقة من تصل الية ينفذ ما فبها   او امر شفهى ينفذه المأمور به ...تمت استقالات من الحزب الوطنى وعين اخرون عينهم مبارك قبل تنحية ....واهم هذة التعينات حسام بدراوى فى منصب امين عام الحزب الوطنى وامبن السياسات  ....استقال بدراوى من الحزب قبل ساعات من اعلان تنحى مبارك .....وفى اليوم التالى ، ومبارك متنحى ويقيم مع اسرتة فى شرم الشيخ ، تم تعين محمد رجب امينا عاما للحزب الوطنى !!! مين اللى عينة ؟؟؟؟؟  مبارك طبعا !!!!صاحى وبيلعب .

      الجمعة امس 18 فبراير جمعة النصر اربعة ملايين فى التحرير...وملايين اخرى فى ساحات كل المدن المصرية . رسالة قوية تقول  للنظام ولمن يأمل فى الالتفاف على الثورة   احنا بايدينا العارية ما زلنا متواجدين وسندافع عن الثورة بارواحنا ..وما زال الشارع لنا

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

مشوقة جدا

Moataz يقول...

أستاذنا الفاضل أحمد خليل ..
تقديري الشديد لما سطرته ..
واشكر الله أن جعلني من من شاهدوا هذه الثورة الرائعة ..
وإني لنادم علي كل لحظة لم أتواجد بها بالميدان ..
لكن كفاني فخراً بإني من هذا الشعب .
أطال الله عمرك

MSMO يقول...

لا أجد تعليق يتناسب مع ما كتبته سيدي الفاضل كل التحية لك وسلمت يداك لتخط لنا المزيد

Unknown يقول...

أستاذ أحمد أنا بتابع حضرتك بس يمكن مش دائماً بعلق أنا بحيي تقة حضرتك في الشباب لما كتبت قبل 25 بوست عن 25 يناير سنة2030 بصراحه أنا استغربت أوي ان حضرتك توقعت النجاح للثوره أو انها أساساً هتبقى ثوره.
تحياتي لحضرتك و يا رب تكمل على خير

Sad Joy يقول...

فعلا انا اشعر بالعار الشديد اني لم اضرب بكل شيء عرض الحائط واسافر الى بلدي في هذا الوقت العصيب واهرع الى التحرير للمشاركة في هذا الحدث العظيم مهما كانت العواقب.

وفعلا هناك احساس عام بالإستبشار ببداية جديدة ونظيفه وهذا شيء رائع ولكن ينغص علينا ما لاحظته يا عمو خليل ولاحظه الكثيرون مما يبدو انه مناوره اخرى من مناورات النظام للإلتفاف على الثوره و"بلفها" من قبل نظام سقط جزئيا او شكليا.

هل تكون هناك صفقة بين الجيش ومبارك تتلخص في التضحيه ببعض كباش الفداء واعطاء الشعب بعض المسكنات والمهدئات الشكليه بينما تتم المحافظه على مبارك وثروته وكثير من النفوذ للحزب اللاوطني؟

من الصعب ان نصدق ان من عاشر كل هذا الفساد ولعشرات السنين قد تمكن بمعجزة من البقاء نظيفا وظل على الرف يتفرج على المليارات تنتهب دون ان يشارك وهذه ملاحظه مقلقة للغاية!