الأحد، 2 ديسمبر 2012

طغيان الأجابه النموذجيه

    




      لى صديق صغير السن وإسلامى الهوى  مازلت -لسبب لاأعرفه- آمل فيه ومنه خيرآ. قال لى يوم أن فاز الإخوان والسلفييين بأغلبية مقاعد البرلمان أن سبب شعبيه الإسلاميين هو أنهم -على عكس اليساريين والليبراليين العلمانيين- قد إجتهدوا فى العمل الإجتماعى وسط الجماهير..... 
قلت له إن لى رأيآ آخر غير أن الوقت لم يسعنا لإستكمال النقاش..
غير أنه الآن يبدو وكأن ماسيحدد مستقبل  مصر هو بالضبط هذه النقطه...... "شعبيه الإسلاميين" 
إلي صديقى الإسلامى إذآ، أهدى هذه الأفكار.

           لى إبنه خاله نابهه تصغرنى بعشر سنوات أو يزيد، سألتها أمى يومآ ، وكانت فى حوالى السابعه، ماذا تريد أن تكون حينما تكبر فأجابت بتلقائية.    "رقاصه" ...... بيد أنها حين سمعت الشهقه المستنكرة التى صدرت عن أمها إستدركت قائله ......."دكتوره.... ورقاصه"........ فانفجرنا بالضحك

          لاأظن أبدآ أن خالتى كانت يومآ قد لقنت إبنتها "الإجابة النموذجية" لهذا السؤال ولكن البنت كانت بالقطع تعرفها. إستشفتها من أحاديث الأسره وبرامج التليفزيون وحصص المدرسة.... "ًدكتوره" كانت طبعآ هى الإجابة، غير أن إبنه خالتى المسكينة ظنت أنها فى وسط هذا التجمع العائلى الحميم قد تكون فى أمان من طغيان "الأجابه النموذجية" . 
      لتوضيح الحكمة من هذه القصه أحكى  حكايه أخرى: فى عام ١٩٧٦ كنت فى الصف الثاني الثانوى. جاءنا مفتش للغه العربيه وبادر الفصل بسؤال غير متوقع فقال........ "مالذي يعجبك فى الإسلام"؟؟
ثم أصر أن نقف واحدآ واحدآ للإجابة على السؤال.
          بالتأكيد لم يكن هذا السؤال ضمن منهج اللغة العربيه ولا حتى منهج الدين. ماهى الإجابة النموذجية إذن وأين توجد؟؟؟؟؟؟
         إحتاجت الإجابة لطالب "شاطر" ، "فاهم الفوله" ومتمرس فى الإحساس بإتجاه الريح قبل أن تهب.  
كنت للإسف هذا الطالب!!! أما الإجابة النموذجيه فكانت "أن الإسلام دين ودوله" !!!!! 
        أنا نفسي لم أكن أدرك وقتها من أين أتيت بهذه الأجابه ولكنى الآن أرى بوضوح أن إرهاصاتها كانت تملأ الجو حولى فى كل مكان:
- فى شعار العلم والإيمان الذى تحول من شعار سياسي على لسان السادات لبرنامج تليفزيونى (أو العكس)
- فى "الأسلمة" المتواترة لكل مناحى الحياه من مدارس ..لبنوك ....لمستشفيات ....وخلافه
- وفى تربع نجم الإخوان الشيخ متولى الشعراوى على عرش برنامج نور على نور

       أما كيف يكون الإسلام دين ودوله فقد ذقت طعمه حينما دخلت الجامعه وكانت الجماعه الإسلاميه ورجالاتها الذين أصبحوا لاحقآ من كبار رموز الإخوان (حلمى الجزار ، عبد الناصر صقر وغيرهم) تسيطر على الحياه الجامعيه وتستبد -تحت زعم الأغلبيه فى إتحاد الطلبة- فتفصل بين الطلبة فى المدرجات وتستأثر بالمدرج فى فرض دروسها الدينيه بين المحاضرات وتمنع الحفلات الغنائية وتصادر مجلات الحائط غير الإسلاميه فى تنسيق تام مع  أمن الجامعه....... أكرر....... فى تنسيق تام مع أمن الجامعه..
       
          على مدار سنين الجامعه تطور الخطاب السياسي للسادات من "دوله العلم والإيمان" إلى "أنا رئيس مسلم لدوله مسلمهً" إلى تعديل الماده الثانيه فى الدستور لتصبح الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع.
لم يكن كل هذا إستجابه لضغط جماهيرى ولاإستسلامآ لشعبيه الإسلاميين التى إكتسبوها من العمل الخيرى بل العكس كان دعما للإسلاميين وتقويه لهم وخلق شرعيه لوجودهم على الساحه السياسيه. الأسلمة كانت توجهآ تقوده الدوله منذ وقت السادات وترعاه فى الإعلام والتعليم وتتبناه سياسيآ بإدماج معارضه إخوانيه إسلاميه مستأنسه، تحبسها حينآ وتطلقها حينآ وتنسق قياداتها مع القيادات الأمنيه فى كل الأحوال.

       إختار الدكتاتور فى مصر أن يحول الحوار السياسى بينه وبين "المعارضة" من القضايا الأساسيه حول العدالة الإجتاعيه والصحه والتعليم إلى قضيه أخرى جانبيه وآمنه وهى "من هو الأكثر والأصح إسلامآً" 
رضى الإسلاميون أن يكونوا صنيعه الدكتاتور و جاسوسه وعصاه فى الجامعه والمصنع فى السبعينات فكافأهم بمقاعد فى البرلمان فى الثمانينات وماتلاها.  إرتضوا أن يكونوا الكومبارس فى مسرحيه الديمقراطيه الهزلية كى يظلوا وحدهم على خشبه المسرح وقد كان. وأحب هنا أن أؤكد أن هذا الدور الذى لعبه الإسلاميين فى قمع الحركات اليسارية والليبرالية لم يكن فقط عماله مؤقته للنظام ولكن تماشيآ مع إيمانهم الأصيل بالإستبداد وبشرعيه قمع المخالفين فى الرأي. 

      المهم هنا أنه  مع الوقت تماهي خطاب الدوله المتمثل فى الأزهر والأوقاف مع خطاب الإسلاميين وأصبح " تطبيق الشريعة" من المعلوم من السياسه بالضروره......

     الواقع إذا يا صديقى الإسلامى أنه دون الحاجة أن يحرك الإخوان والحركات الإسلاميه إصبعآ فقد تلقى من أصبحوا من أتباعكم  تعاليمكم فى مدارس الحكومة ومناهجها وآمنوا بصحه أفكاركم من تليفزيون الدوله وإعلامها التقليدي وتعرفوا على مناهجكم فى مساجد الدوله ومن شيوخ الأزهر والأوقاف. والواقع أن الدوله حاربت معكم وفى صفكم من تجرأ وواجه أو تحدى تلك المنظومة الفكرية بأفكار تنويرية جديده ولنا فى قضيه نصر حامد أبو زيد مثل. 

      هذا فى تقديرى هو سبب الشعبيه. الناس ترتاح لما تعرف وتألف  وأنتم تقدمون للناس مايألفوه وتكررون لهم مايعرفونه. أنتم تقدمون أنفسكم على إنكم "الإجابة النموذجيه" لمجتمع آمن بفكره الآجابه الآمنة المكرره للنجاح فى أى إمتحان.  حتى إنه من المدهش إن شعار الإخوان السياسي لعب على هذه النغمة حين أستدعى روح الطالب المجتهد الساعى للنجاح فى الإمتحان السياسى والديمقراطي فقدم له الإجابه النموذجيه الصحيحة "الإسلام هو الحل"......
     
       أما كفاح الإسلاميين وعملهم الإجتماعى وسط الفقراء والمعدمين فهو قد يكسب ولاء البعض وثقه البعض الآخر لبعض الوقت ولكنه بطبيعته لا يخلق رأيآ ولا يبدل فكره ولاأظنه يدوم بعدما وصل الإخوان للحكم والسبب أنه سيبدو واضحآ لهؤلاء البسطاء إنه كان إنتهازيه سياسيه وليس موقفآ سياسيآ أيدولوجيآ منحازآ لحق الفقراء فى التعليم والصحه وثروه المجتمع والدليل تبنى الإخوان لسياسات إقتصاديه رأسماليه منحازه لرجال الأعمال وضاره بمصالح هؤلاء الفقراء ولا تختلف عن سياسات مبارك. ولاأظن شعبيه الإسلاميين تدوم بعدما يتبين أن التشابه بين النظامين يشمل الإيمان بالإستبداد والعنف وحكم الفرد وبشرعيه القمع. وأن هذا ماسهل إدماج الإخوان فى منظومه حكم مبارك. 

       يا صديقى الإسلامى لقد حكم التيار الفكرى الإسلامى مصر منذ السبعينات، حينما أصبحت الإجابه النموذجيه " لأن الإسلام دين ودوله". ولاأظن أن أهداف من ثاروا لإسقاط "النظام" فى ٢٥ يناير تكتمل حتى يسقط هذا الجزء من النظام كما سقط مبارك.

        ما سيق مفال كتبة صديقى ومضيفى فى الدنمارك دكتور اكمل صفوت استاذ علاج الاورام بجامعة اورهس ، استاذنته ان انشرها فى المدونه ....فقط اضفت الصور

هناك 3 تعليقات:

Unknown يقول...

احترم رأيك ولكنه سطحي مثل معظم اللااسﻻميين

Unknown يقول...

احترم رأيك ولكنه سطحي مثل معظم اللااسﻻميين

Unknown يقول...

هذا اصح واصدق ما سمعته عنهم هم لعبة الحاكم والفزاعه ولابد ان تكتمل الثوره بالقضاء على هذا الجيش الثاني الذي التصق بالكيان البائد لمبارك واتمنى من الله ان لا تكون هناك مصالحه معم لكي لايستخدمهم اللاحقون في ترهيب الشعب واللعب معه بطريقة لم نفسك ولا اجيبلك الاخوان المقال جميل بالمجمل شكرا