الجمعة، 13 أغسطس 2010

معتقل القلعة


051510040546klq33xp6606qp
   

                فى العام 1954، وأزمة مارس الشهيرة بين محمد نجيب  فى جانب ، ومجلس قيادة الثورة بقيادة عبد الناصر فى الجانب الاخر . انقسم المجتمع المصرى بين استمرار حركه الجيش بقراراتها المنحازة للفقراء – الاصلاح الزراعى وتخفيض ايجارات المنازل - وبين المطالبين بالديمقراطية وعودة الحياة السياسية .
       كان حزب الوفد اكثر الاحزاب شعبية ، والإخوان المسلمين اقوى التنظيمات عددا وانضباطا وتنظيما . بعد شهور قليلة من قيام الثورة طلب من الاحزاب تطهير نفسها، وتم القبض على زعماءها  ، باستثناء النحاس باشا زعيم حزب الوفد . وفى يناير 53 صدر قرارا بحل الاحزاب ومصادرة اموالها باستثناء جماعة الاخوان المسلمين، وأعلن تشكيل هيئة التحرير واعتبارها الحزب الواحد المعبر عن اهداف الثوره . وفى فبراير 53 صدر دستور مؤقت لمدة ثلاث سنوات يتيح لمجلس قيادة الثورة تولى السلطتين التشريعيه والتنفيذية . استمرت العلاقة بين مجلس قيادة الثورة والإخوان المسلمين جيدة لفترة قصيرة ، ثم ظهر  الخلاف علنيا فى بداية العام 54 . ففى احتفال جامعة القاهرة بذكرى شهداءها "عمر شاهين اخوان" ، "واحمد المنيسى القريب من الشيوعيين " الذين استشهدوا فى معركة القناة ضد القوات البريطانية المحتلة فى نفس التاريخ من العام  52.  الاخوان هتافهم الوحيد "الله اكبر ولله الحمد"،وهيئه التحرير هتافها "الله اكبر والعزة لمصر " . وساحة جامعه القاهره مزدحمة بآلاف الطلاب  . .. دخلت عربه جيب تتبع هيئة التحرير وفيها ميكروفون. وعندما بدا الهتاف من الميكروفون الله واكبر ……. وعينك ما تشوف الا النور …  اتشد سلك الميكروفون قبل ما تطلع والعزة لمصر . وفى خمس دقائق كانت العربية الجيب مولعة  …. وطلبه اعضاء  هيئه التحرير مدورين الجرى  ….. الاخوان ايدهم طرشة وماعندهمش يامّا ارجمينى ، استطاع الاخوان بتنظيمهم المحكم ضرب  الطلاب المنضمين الى هيئة التحرير علقه اللى هىّ،  وامتلكوا ساحة  الجامعة .
          فى 14 يناير اصدر مجلس قيادة الثوره قرارا بحل جماعة الاخوان المسلمين واعتقال قيادتها. وبدأ الخلاف يظهر بعمق بين نجيب -  الذى كانت لة شعبية كبيرة على عكس مجلس قيادة الثورة - ومجلس الثوره ، فهو وجه الثورة الذى عرفه الشعب  ، وقامت مظاهرات فى فبراير بدعم من الاخوان المسلمين تطالب بعودة الحياة السياسية والإفراج عن المعتقلين.
          الشيوعيون كانوا منقسمين حدتو تأيد الثوره وباقى التنظيمات تطالب بالديمقراطية  ، الاحزاب كانت ضد مجلس قياده الثوره ،حتى الضباط الاحرار انفسهم كانوا منقسمين، ضباط الفرسان ضد ضباط المدفعية.
           قام  الطلاب الشيوعيون والحزب الاشتراكى والاخوان المسلمين والوفد بتشكيل  الجبهة الوطنية التى طالبت الجيش بالعودة الى الثكنات واستعادة الحياة النيابية وتامين الحقوق السياسية والنقابية .
          اتخذ مجلس قيادة الثورة قرارات لدعم صلاحيات حمال عبد الناصر وأصبح محمد نجيب مجرد رئيسا للمجلس بدون صلاحيات تقريبا ، فقدم استقالته وقبل المجلس الاستقالة وعين عبد الناصر رئيسا للوزراء.  رفض سلاح الفرسان وطالب بعودة نجيب  . حضر عبد الناصر اجتماع  سلاح الفرسان الرافض لقرارات مجلس قيادة الثوره ،وفى ثكنات  سلاح الفرسان. ووافق على طلباتهم.
        اجتمع مجلس قيادة الثورة فى 25 مارس 1954 وأعلن حل مجلس قيادة الثورة  وعودة الجيش الى ثكناته وعودة محمد نجيب رئيسا للجمهورية وتعيين خالد محى الدين رئيسا للوزراء وتشكيل حكومة انتقالية لمدة ستة شهور تقوم خلالها بإجراء انتخابات ووضع دستور دائم  وعودة الحياة السياسية .    زار المرشد العام للاخوان عبد الناصر  فى نفس يوم اتخاذ هذة القررات ووعد بالحياد فى الصراع الدائر .
       رفضت هيئة التحرير هذه القرارات وقامت ، بمعاونة صاوى محمد صاوى سكرتير عام نقابة النقل  ، بالدعوة للإضراب العام  حتى الغاء هذه القرارات . واضرب عمال التروماى…… ووقف حال  البلد . عقد طلاب جامعة القاهرة مؤتمرا اعلنوا فيه تشكيل لجنة الاتحاد الوطنى من الطلبة المنتمين الى الوفد والشيوعيين والحزب الاشتراكى والإخوان وطالبوا بإلغاء الاحكام العرفية والإفراج عن المعتقلين السياسيين  وإلغاء مجلس قيادة الثورة.  تحرك عمال مديريه التحرير ونزلوا القاهرة.  وقام بعض العمال بقياده البوليس الحربى بالتوجه الى مجلس الدولة والاعتداء على رئيسه الدكتور السنهورى اثناء انعقاد الجمعيه العمومية للمجلس .
       حسمت المعركة لصالح مجلس قياده الثورة. ولم ينفذ من قرارات 25 مارس الا عودة محمد نجيب رئيسا .

             اثناء ذهاب عزيز الى الجامعة فى اول ابريل مهزوما،  فقد كان كعادته  دائما  ضمن  الفريق الخاسر ، تم القبض عليه ،أخذ الى قسم اول الجيزة ، وأول ما دخل الحجز فرش جرنال ونام نوما عميقا وصحوه الساعة 2 ظهرا وأخدوه على معتقل القلعة .

        بعد ان  انتقل الخديوى اسماعيل الى قصر عابدين امر ببناء سجن للأجانب بالقلعه ، يتكون السجن من كريدور طوله حوالى 50 مترا  على كل جانب 21 زنزانة كل زنزانة بها سريران و شباك علوى صفير حديد بارتفاع  2,5 متر وباب حديد يغلق من الخارج به فتحة قطرها 10 سنتى . و8 غرق مفرد للحبس الانفرادى ومطبخ  ودورة مباه متسعة .  سجن شيك ممكن اعتباره فندقا نجمه واحده.
         ايامها كان فى المعتقل ما بين 80 و100 معتقل والعدد يتحرك يوميا . لو قلنا 10 وفدين و10 شيوعيين و10 اخوان و10 حرب اشتراكى و10 طلبة من مختلف الاتجاهات و10 نقابيون  …….الباقى يبقى مين لو جدع تقول………….كانوا من عمال القناة اللى رفضوا يسيبوا الشغل وفضلوا يشتغلوا مع الانجليز و قامت الحكومة باعتقلتهم فى سجن القلعه مع السياسيين .
       ايامها ماكانوش بيقفلوا الزنازين  . يعنى كل المعتقلين بحريتهم داخل المعتقل  وكل واحد قاعد مع زميل فى الغالب مختارين بعض .  وممكن الواحد يعزل من زنزانة الى اخرى وإدارة السجن ما لهاش دعوة .وكانت المعامله طببه  بل طيبه جدا ،فقد كانت الثوره مجروحة تطبب جراحها وكان اغلب المعتقلين من جراحها .
        المتعهد يورد الاكل تلات وجبات ، بس فى الحقيقة رغم جوده الخامات كانت زباله معمولة وحش.  تانى يوم من دخول عزيز اضرب المعتقلين عن استلام الطعام لرداءته ، مأمور السجن قال نتفاوض بس ما ينفعش أتفاوض مع 90  فرد . انتخب بسرعة نفر من كل مجموعه، 7 معتقلين طلعوا يتفاوضوا مع المأمور ومن ضمنهم عم عزيز عن الطلبه .
        الحكومة بتصرف للمتعهد 13,5 قرشا عن كل معتقل ، الاغلبية الان ماتعرفش يعنى اية قرش ، الجنيه 100 قرش . تم الاتفاق على توريد خامات الطعام ويقوم المعتقلون بطبخها . ضمن عمال القناه المعتقلين كان فيه طباخ ومساعدة . اللجنة اللى من 7 معتقلين تقعد مع المتعهد عصر كل يوم وتطلب خامات الطعام لعدد المعتقلين بقيمة 11,5قرشا للفرد وقرشان للمتعهد . المطبخ كان مجهز بشكل جيد وبه ادوات كثيرة متوفرة وطباخ درجة اولى ومساعدة جاهزين للعمل مقابل علبة سجاير .
      يوم والتانى اللجنة صفصفت على عم عزيز والطباخ.  الطباخ ومساعدة يطبخوا وعم عزيز يدير ويتعامل مع المتعهد ، ويغرف ويوزع الاكل، كل واحد لوحده زى الوكاندات. الفطار كان فول وشاى بلبن والغدا لحمة وخضار ورز او كمرونة وحلو  والعشاء جبنه وحلاوة. استفاد عزيز جدا من الشغلانة دى و بقى استاذ فى تحديد الكميات . كيلو السكر يعمل كام كبايه شاى، النفر يأكل قد ايه رز  قد ايه خضار…….الى اخره .
        فى اول رمضان كان يوم 5  مايو 1954 كانت قائمه طعام معتقل القلعه عباره عن مكروبه بالبشامل وكبده ومخ بانية وسلاطة خضراء والحلو كنافة.
          بس للأسف عزيز ما كلش يومها ، فقد افرج عنه عصر ذلك اليوم وفطر فى بيتهم . ومن يومها عزيز ما وردش على معتقل.


هناك 8 تعليقات:

Azza يقول...

helwa:-) awl mara 23raf en 3am 3aziz 2t3alem el kemiat men el tagroba dee. Happy ramadan ya gamil

مريد يقول...

كل واحدة أحلى من التانية. معلّم.

shmpongO citizen يقول...

حضرتك بتقدم التاريخ بطريقة ساحرة بنفضل ماشيين مع الكلام وبنقول يا رب البوست مايخلص بس يا خسارة بيخلص .
جميلة قوي يا عمو. بس عزيز طلع مناضل قديم مش بس ترزي وطباخ ده طلع بتاع كله
الله يرحمه آمين.

ElBa7r يقول...

والله أنا قاعد أقرا في البوست ده من إمبارح ، وكل ما أقرا شوية أسيبه وأشغل نفسي بأي حاجة تانية عشان خايف يخلص ، في إنتظار المزيد من أخبار عمو عزيز المدهش ، ربنا يخليك لنا ياااااااااااااارب

غير معرف يقول...

ايه الجمال ده يا أحمد بك, أرجوك لا تتوقف عن الكتابة, وعقبال الف بوست وبوست

غير معرف يقول...

أحب أقول للك أن غير معرف (نكرة يعني) دي تبقي خدامتك مني أنيس, مع خالص الحب

غير معرف يقول...

احكي والنبي كمان ,حكاويك جميله و مفيده وشيقه ايه ياعم الجمال ده انت غلبت شهرازاد يا جدع , ربنا يخليك لينا ياخليل هاله

Mai_Jeneen يقول...

عزيز طول عمره جدع...
انا مش عارفة اقول ايه... أسلوب حضرتك في الحكي حلو أوي أوي...