الخميس، 26 أغسطس 2010

طباخ ألملوك والأمراء




          فى نهاية ربيع 1949 تزوجت أخت عزيز وقررت الأسرة عمل الفرح فى البيت . أيامها ماكانوش إخترعوا أفراح الفنادق أو القاعات إللى بتتأجر فى ألنوادى .  أسرة عزيز تسكن ألدور ألارضى وولهم الحديقة  ، وفوقهم دورين تسكنها جيران طيبين ، زمان كان كل ألجيران طيبين  ، واكتر من الأهل . الفرح يتعمل فى الدور الأول والحديقة  ، والدور التانى تلبس وتتذوق فيه العروسة وأهل البيت ، وفى التالت ...البوفيه . جابوا طباخ  لإعداد الطعام ، وده مش أى طباخ .  طباخ الأفراح يبقى عنده عدّة ، عبارة عن حلل قطر الواحدة 40 سم وارتفاع 90 سم ، و موقد يعمل بالخشب ، وثلاجة خشب حجمها متر مكعب، تحتاج  3 الواح تلج يوميا ، وأدوات أخرى كثيرة . جاء الطباخ ومساعداة قبل الفرح بثلاثة ايام وحط عدّتة فوق السطوح . كان زمان كل شقة ليها أوضة فوق السطوح إسمها أوضة الغسيل - جاب سيرتها علاء الاسوانى فى رواية عمارة يعقوبيان -  فيها مياة وإضاءة .  فتكوا فى الكلام ، الطباخ كان فى وقت من الأوقات شغّال عند الأميرة شويكار إللى إتجوزها الملك فؤاد وإستولى على معظم ثروتها قبل ما يبقى ملك  ، وإتجوز بعدها نازلى أم الملك فاروق إللى إعتنقت المسيحية على كبر . كان طباخ درجة أولى ، وتخصص فى الافراح والعزايم الكبيرة . كان رغاى جدا ،  ما يبطلش كلام وحكاوى عن كل اللى إشتغل عندهم . المهم الطباخ ومساعداة قعدوا ثلاثة ايام يعملوا الأكل ل120 نفر، حمام مخلى،8 رومى، خروفين ‘ محاشى ، لحمة باردة،  حلويات ،أرز بالخلطة ،سمك بالمايونيز . كل دة  اتعمل فوق السطوح ، ثلاثة ايام بليلتين قاعدين يشتعلوا ،ومين قاعد  معاهم ……..صديقى عزيز . تلاثة ايام بلاياليهم عايش مع الطباخ ومساعداة .

        أيامها كانت غير الأيام دى، كانت سيدات الطبقة الوسطى ،أو سيدات الاسرة بتلبس على النمط الاوربى، فى الافراح فساتين سوارية عارية الاكتاف  . وكان الأختلاط تام الستات والرجالة فى مكان واحد ،إستمعوا للمنولوجست ثريا حلمى وهى بتغنى :
فتح يبنى فتح شوف مين بيكلمك..........
دنا واد مدردح وفتوة حتتك...........
وشاهدوا الراقصة هاجر حمدى .. فى هذا الوقت لم ترى سيدة او فتاة من الطبقة الوسطى او فى العائلة محجبة  ، ناهيك عن منقبة . بعض السيدات المتقدمات فى السن كانت تضع طرحة خفيفة على رأسها . الرجال يلبسون بدل بيضاء شار كسكين او بدل سهرة والطربوش ، كان منظرالطربوش مضحك . الشباب  إبتدئ يتمرد على الطربوش  . ضباط الجيش كانوا يحضروا الأفراح ببدله التشريقة . واذا  كان العريس  ضابط يتزف  بالبدلة الرسمى ومعلق السيف  فى وسطه . الفرح كان يبتدئ عشرة بالليل، والبوفيه واحدة بعد منتصف الليل وييتهى فى  الفجر.

        عزيز عرف من  الطباخ   حواديت ملهاش أول ولا أخر ……. منها ان أخو شويكار ضرب الأمير فؤاد بالرصاص وأصابة بعاهة مستديمة فى الحنجرة .  الملك فؤاد من أثرها كان لا يستطيع الكلام ببساطة .  وإذا إتكلم صعب حد يفهمه . وبعد طلاق شويكارمن فؤاد إتجوزت وخلفت الأمير وحيد يسرى ولطيفة هانم إللى إتجورت أحمد حسنين باشا  رئيس الديوان الملكى ، وحواديت اخرى كثيرة عن الناس إللى اشتغل عندهم  . الأهم  عرف من طباخ الملوك والأمراء ، زى ما كان مسمى نفسه  ، أهم أسرار الطبخ ، وكان يبالغ وبقول الأكل مش بطعمه الأكل بمنظره وبشكله ، العين هى اللى بتآكل……. مهما كان الأكل معمول كويس ومتقدم وحش يبقى أى كلام .

        ألنار ، ألحرارة هى اللى بتسوى الأكل  . أى شى بيتاكل يجب الا يسلق ، إلا البيض ،  أى أكل يتسلق يفقد أغلب  الاملاح إللى  بتديلة الطعم ،  بتذوب فى مية السليق . إطبخ  الأكل على البخار او فى الفرن. طباخ الملوك والأمراء حط العظم الى طالع من تشفيه اللحم والفراخ والأجنحة  وما شابة مع قليل جدا من المياه فى قاع  الحلة الاسطوانية إللى إرتفاعها 90 سم وبعد ذلك وضع  عروق اللخمة الباردة ،ثم اللحم البقرى ثم البتلو ثم الرومى فالفراخ ، ثم حلل المحاشى، وبغطاء حيد ونار هادئة كلة يستوى على البخار ،وإللى خد حقة فى السوا يطلعة .

        طيب نعمل اية فى البيت ، والطبيخ على القد  . اللحوم فى الفرن ، او نضع مصفاة مقلوبة فى قاع الحلة وقليل من الماء بحيث لا يصل  الى  اللحم . …….و نعرف استوت ازاى ؟؟؟ ……فية مقياس حرارة عبارة عن عمود مدبب يصل الى مركز كتلة اللحم ويبين  الحراره . اللحوم تعتبر إستوت عندما تصل درجة الحرارة فى مركزها إلى  70 مئوية ، الفراخ عند 80مئوية . وهناك طريقة اخرى اسهل، الشيش إللى بيعملوا بية التاووك ، خيزران  رفيع يغز فى القطعة الى المركز ثم يرفع ، اذا المكان فرز سائل تبقى... لسة  ، اذا ما طلعش سائل تبقى خلاض إستوت .   أهم شئ معرفة وقت النضنج بالضبط ، أى وقت زائد ينشف اللحم ، ويبان كانة نىّ، و لو سيتة أكثر من أللا زم…… لا يؤكل . الكبدة مستوية قبل ما تشم  النار ، وكل وقت يمر عليها وهى على النار تزداد صلابة  . على العموم كيلو اللحم يحتاج ساعة فى الفرن المنزلى فى درجة حرارة 200 ،  لو فخده بتلو 10 كيلو صحيحة ممكن تاخد 6 ساعات…… الخضار على البخار سوتية ، وإذا كان بالصلصة فأقل كمية من المياه..... وارفعه من على النار وهو نىّ، ما تقلقش …….وآنت بتكله   حتلقية مستوى .

      ماجبناش سيرة التدبيل ..........لاتضع الملح على اللحوم بأنواعها أثناء إنضاجها، لأنة يأخر الانضاج وبيقولوا عليها بيجرمز اللحم . بعد ما يستوى اللحم إبدأ فى عمل الدرسينج . إذا طبختها  فى الفرن حتلاقى بعض السوائل البنية، خذها وضع عليها فلفل اسود من المطحنة مباشرة ، الفلفل السابق طحنه  لا يعتبر فلفل اسود . ممكن قليل من الملح، الحم البقرى مالح لا يحتاج الى ملح  تقريبا ، الفراخ تحتاج الى ملح أكتر.   يقطع اللحم إلى شرائح عمودية على اتجاه الأنسجة  ثم تدهن بالدرسنج  ، ممكن إذابة ورقة جيلاتين مع الدرسنج ، يتعطى لمعة مستحبة . من أهم قواعد الطبخ أن لا يغلب او يظهر أى طعم مميزعند التناول ........ ورقة واحدة من ورق اللورو  ، حب الهال  5 فصوص فقط، ،  جوزه الطيب رشة خفيفة . إذا ميّز  المتناول أى من هذة الاضافات فقد فشلت . الأكل الطيب لا يعرف المتناول لية هو طيب .

     طيب عاوزين نأكل فتة ولحمة مسلوقة نعمل اية  . أسلق القطع التى لا تؤكل  للمرق ، اما اللحم فعل البخار . اللحم هو عضلة فى الذبيحة ، العضلة اللى بتشتغل كثير تبقى عصية فى الأكل . أطرى لحم فى الذبيحة هو الفلتو العضلة إللى شايلة الكلوة  ما بتشتغلش تقريبا ، إلا لما الثور، لا مؤاخذة ، يجيله مغص كلوى …… وده عمره ما يحصل….. لأن الثور ما بيرمرمش….. أما تعمل كباب حلة ستحتاج للإنضاج وضع  قليل من المياه  ، لا تضعها مرة واحدة ، ضع  شقشاق مية  ،تسمع اللحمة بتشقشق... مش بتغلى ……….. اذا حبيت تعمل شواء، فية ناس عنها مفهوم خاطئ إنها ترقد اللحم فى البصل أطول مدة ممكنة ، ودة خطأ فاحش . إنت بتشوى اللحم وترمى البصل المتشبع بكل االاملاح المعدنية الموجودة فى اللحم . الطريقة الصحيحة على عهدة طباخ الملوك والأمراء - لو عايش كنت حطبت الرابط بتاعة وقلتلك دوس هنا - اقطع البصل قطع صغيرة وتبله ، وقبل وضع قطعة اللحم على الفحم مباشرة ، غمسها أو عصها بالبصل المتبل بالملح والفلفل الاسود فقط . الكفتة يجب أن تكون دسمة.....25% دهن وإذا عاوزها طرية أفرم عليها قطعة فشّة ، وعشان متقعش من السيخ كتر لها الملح شوية.

      هذة بعض  المعلومات اللى عرفها صديقى عزيز من طباخ الملوك والأمراء  فى دورة مطبخيه لمدة ثلاثة أيام بلياليهم فوق سطوح منزلة بالعباسية ، فى بداية صيف 1949، وكانت دورة ناجحة ،  والاستفادة منها عالية جدا........
 
         لم يحضر صديقى عزيز زفة  العروسة ، ولا حضر افتتاح البوفيه   ،ولا سمع ثريا حلمى ولا شاف رقص هاجر حمدى ………………لانة راح فى سبات عميق .


هناك تعليق واحد:

مريد يقول...

بإمكانك يا خليل أن تضع رابطاً عليّ أنا إذا أراد قراؤك الكرام شهادة من ذاق الطعام من يدي "طباخ الملوك والأمراء" وما زال يتذوقه كلما أسعده الحظ بلقائك
تعظيم سلام لما كتبَتْ (وما صنَعَتْ) يداك